لماذا تقل ساعات النوم كلما تقدمنا في العمر؟ وكم تحتاج منها يوميا حسب عمرك؟

في تقرير نشرته صحيفة "حرييت" التركية، نقلت الكاتبة صدف باتي عن اختصاصية أمراض الأعصاب ديليك ناجي أوغلو أوركين أن إيقاع الساعة البيولوجية (آلية داخلية تتضمن فترة زمنية متوسطة تبلغ 24 ساعة وتوفر دورة النوم والاستيقاظ) له دور مهم في جسم الإنسان.
وتابعت "تتكون الساعة البيولوجية الموجودة في منطقة ما تحت المهاد في الدماغ من نحو 20 ألف خلية تشكل النواة فوق البصرية، وهذه النواة تتكيف مع الإشارات الخارجية للوقت، بما في ذلك دورة الضوء/الظلام، وتتحكم في الإيقاع اليومي عن طريق إدارة "التروس/العجلات الجزيئية" الموجودة في العديد من أعضائنا، التي تساعد في تشغيل هذه الساعة؛ وتؤثر هذه الإيقاعات اليومية على وقت جوع الناس، ووقت إفراز الجسم هرمونات معينة، ومتى يشعر الشخص بالنعاس أو اليقظة".
وأكدت ديليك أن الميلاتونين -الذي يُعرف عادة باسم هرمون النوم- يتم إنتاجه بواسطة الغدة الصنوبرية في الدماغ، وهو جزء مهم من دورة النوم والاستيقاظ لدى الجسم، حيث يزداد إنتاجه مع حلول الظلام، في حين يؤدي الضوء إلى توقف إنتاجه.
ونتيجة لذلك، يساعد الميلاتونين في تنظيم الإيقاع اليومي وضبط دورة النوم والاستيقاظ مع الليل والنهار. وعند القيام بذلك، فإنه يسهل عملية الانتقال إلى النوم ويشجع على نوم مريح وجيد الجودة.
وبيّنت ديليك أن التغييرات في جودة النوم ومدته شائعة بين كبار السن، والسبب الرئيسي لذلك هو التغييرات في الساعة البيولوجيّة للجسم؛ مما يؤدي إلى اضطراب الإيقاع اليومي الذي يؤثر بشكل مباشر على وقت الشعور بالتعب واليقظة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تلعب التغييرات في إنتاج الهرمونات مثل الميلاتونين والكورتيزول دورا في اضطرابات النوم لدى البالغين الأكبر سنًا، ويمكن أن تؤثر الحالات الصحية العقلية والجسدية أيضا على النوم.
وأكدت ديليك أن التغيرات في الساعة البيولوجية للجسم تصبح أكثر وضوحا مع التقدم في العمر، خاصة في حالات أمراض ألزهايمر والسكري والصداع النصفي والآلام المزمنة وبعض أنواع السرطان، وأن اضطرابات النوم شائعة أيضا بسبب الاكتئاب والقلق وأمراض القلب.
أشارت ديليك إلى أن هناك اعتقادا خاطئا شائعا بأن كبار السن يحتاجون إلى نوم أقل من الأفراد الأصغر سنا. بالتأكيد، يجد العديد من البالغين الأكبر سنا صعوبة في الحصول على قسط كاف من النوم، لكن هذا لا يعني أنهم يحتاجون إلى نوم أقل. بشكل عام، يجب أن يستهدف البالغون النوم لمدة لا تقل عن 7 ساعات كل ليلة.
وأضافت ديليك أن دورة النوم تميل أيضا إلى التغيير مع تقدم العمر، حيث يجد معظم الناس أن الشيخوخة تجعل من الصعب عليهم النوم، ويميل الأشخاص الأكبر سنًا إلى الاستيقاظ بشكل متكرر خلال الليل والاستيقاظ مبكرا في الصباح.
حسب ديليك، فإن المشاكل الشائعة للنوم التي تحدث بشكل خاص لدى البالغين الأكبر سنًا هي: الألم، والتبول الليلي المتكرر، وانقطاع النفس أثناء النوم، والأرق، والنعاس النهاري، ومتلازمة تململ الساقين، واضطراب حركة العين السريعة أثناء النوم.
وأضافت "يمكن أن يؤدي الألم لدى بعض البالغين الأكبر سنا إلى عدم الراحة الكافية؛ لذلك فمن المهم استشارة الطبيب إذا كان الألم يمنع النوم. في المقابل، تزداد كثرة التبول الليلي مع تقدم العمر بسبب التغييرات الجسدية في الجهاز البولي واستخدام الأدوية. ويمكن أن يؤثر هذا على 80% من البالغين الأكبر سنًا ويسهم في زيادة انقطاع النوم".
أكدت ديليك أن الحفاظ على دورة نوم منتظمة، وتجنب النوم في النهار، وتجنب تناول الكافيين، واتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام؛ تساعد في تنظيم النوم لدى كبار السن.
وأوضحت أن التلفزيون والهواتف الذكية والأضواء الساطعة يمكن أن تجعل النوم أمرا صعبا، لذلك يُفضّل عدم وجود تلفزيون في غرفة النوم أو مشاهدة التلفزيون قبل الذهاب للنوم.
وأوصت ديليك بالإقلاع عن التدخين وتقليل استهلاك الكافيين، وضرورة وجود فترة لا تقل عن 4 ساعات بين وقت تناول العشاء والنوم، وأهمية الذهاب للنوم والاستيقاظ في الأوقات نفسها يوميا والقيام بأنشطة تساعد على الاسترخاء قبل النوم.
ووفقا للدكتورة جيسيكا كالدويل المختصة في علم النفس العصبي والمتدربة في علم الأعصاب التابع لكليفلاند كلينك؛ فإن قلّة النوم قد تُحدث تأثيرا سلبيا فوريا وتراكميا في أداء الدماغ، وبالعكس فإن النوم السليم يُحسّن الحالة المزاجية ويشحذ الذكاء ويعزز الاحتفاظ بالذكريات الجديدة على المدى الطويل.
وأضافت كالدويل -في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية- أن النوم "يمنح أيضا أدمغتنا الفرصة لإزالة الترسبات، مثل بروتين بيتا أميلويد الذي يمكن أن يتجمع ليشكل ترسبات تؤدي إلى الإصابة بألزهايمر". وتوصي خبيرة الأعصاب البالغين بالنوم 7 أو 8 ساعات متواصلة.
تواصل معنا