العالم يشهد تفشيا لمرض الحصبة مع انخفاض معدلات التلقيح

العالم يشهد تفشيا لمرض الحصبة مع انخفاض معدلات التلقيح
حذرت منظمة الصحة العالمية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها من أن الحصبة تشهد عودة مقلقة في جميع أنحاء العالم مع تصاعد حالات "القاتل المنسي" في حين تكافح البلدان انخفاض معدلات التطعيم.

 

الحصبة هي فيروس شديد العدوى ينتشر بسهولة عندما يسعل الشخص المصاب أو يتنفس أو يعطس، ويمكن أن يبقى في الهواء لمدة تصل إلى ساعتين بعد مغادرة الشخص المصاب.

غالبًا ما تبدأ الأعراض، التي يمكن أن تكون شبيهة بنزلة البرد مثل السعال والحمى الشديدة وسيلان الأنف والطفح الجلدي الذي يظهر عادة بعد بضعة أيام، ةبعد حوالي أسبوع أو أسبوعين من التعرض للفيروس، ويصبح المريض معديًا قبل حوالي خمسة أيام قبل ظهور الطفح الجلدي حتى أربعة أيام بعد زواله.

تُعتبر الحصبة عدوى خطيرة، من المحتمل أن تكون قاتلة، ويتم نقل واحد من كل خمسة أشخاص مصابين بالحصبة في الولايات المتحدة إلى المستشفى، كما يمكن أن تسبب مضاعفات صحية خطيرة مثل مشاكل التنفس الحادة، والعمى، وتورم الدماغ.

تُعتبر الفئات الضعيفة مثل الأطفال الصغار والحوامل أكثر عرضة لخطر المضاعفات الشديدة.

لا يوجد علاج محدد للحصبة، ويركز الأطباء على توفير الرعاية الداعمة مثل منع الجفاف ومعالجة الحمى لتخفيف أعراض المرضى والمساعدة في منع المضاعفات.

يمكن الوقاية من الحصبة بجرعتين من لقاح آمن وفعال للغاية، يمكن إعطاؤه بمفرده ولكن غالبًا ما يتم دمجه مع لقاحات أخرى لأمراض مثل النكاف والحصبة الألمانية (MMR).

وتعتبر الحصبة من أكثر الأمراض المعدية في العالم، حيث يوصة بمعدلات تطعيم تفوق 95% لحماية المجتمعات من تفشي المرض، وهو هدف لم تحققه الولايات المتحدة منذ عدة سنوات بعد أن كانت قد قضت على الحصبة عام 2000.

ارتفعت حالات الحصبة في جميع أنحاء العالم بنسبة 18% العام الماضي مقارنة بالعام السابق، وفقًا لتقرير مراكز السيطرة على الأمراض ومنظمة الصحة العالمية الصادر يوم الخميس. أظهرت البيانات أن الوفيات الناجمة عن الحصبة قفزت بنسبة 43%، وهذا يرفع العدد المقدر لحالات الحصبة في جميع أنحاء العالم إلى 9 ملايين حالة ووفيات الحصبة إلى 136 ألف حالة، معظمها بين الأطفال.

قالت الوكالات إن 37 دولة شهدت تفشيًا كبيرًا في عام 2022 مقارنة بـ 22 دولة في العام السابق، مضيفة أن الحصبة "لا تزال تشكل تهديدًا متزايدًا بلا هوادة للأطفال".

 

في البلدان الفقيرة، يعكس هذا الواقع إلى حد كبير الصعوبات في استئناف برامج التحصين الروتينية للأطفال في خضم جائحة كوفيد-19 وبعدها، في تراجع كبير للتطعيم أثّر على مجموعة من الأمراض مثل شلل الأطفال والدفتيريا والسعال الديكي.

 

وقبل أن يصبح لقاح الحصبة متاحًا، كان الجميع تقريبًا يُصاب بالمرض، وكان معظم الأطفال يُصابون بالحصبة قبل بلوغهم 15 عامًا، وتُقدّر مراكز السيطرة على الأمراض أنّ 4 ملايين شخص يصابون بالعدوى في الولايات المتحدة كل عام، ويدخل ما يقارب 50 ألف شخص إلى المستشفى ويتوفى 500 شخص.

 

2.6 مليون وفاة في السنة

على الصعيد العالمي، قالت منظمة الصحة العالمية إن الحصبة تقتل حوالي 2.6 مليون شخص كل عام وتسبب أوبئة كبيرة كل عامين أو ثلاثة أعوام. أدى إطلاق اللقاح في عام 1963 إلى تغيير هذه المعطيات. في البلدان الأكثر ثراءً التي لديها برامج تطعيم ناجحة، اختفت الحصبة في غضون بضعة عقود وكان بعض خبراء الصحة يأملون في أن تقضي البشرية على فيروس الحصبة كما حدث مع الجدري والطاعون البقري (وهو فيروس قريب من الحصبة يصيب الماشية).

 

أدى انخفاض معدلات التحصين وسط ارتفاع التردد لأخذ اللقاحات إلى تبدد هذه الآمال، وعاد المرض إلى مناطق كانت قد تمكنت من القضاء عليه مثل المملكة المتحدة، وألبانيا، واليونان. كما شهدت الولايات المتحدة طفرات للمرض في السنوات الأخيرة.

 

ويحذر الخبراء من أن تضاؤل وجود الحصبة في حياتنا منذ بدء التطعيم على نطاق واسع جعل الناس متساهلين وغير مدركين لمخاطر المرض. ومن دون لقاح، تصيب الحصبة نحو 90 شخصًا من أصل 100، وحتى لو كان عدد غير المطعمين قليل جدًا، فذلك قد يضرّ بجهود المجتمع لوقف انتشارها.

 

واعتبر مدير قسم التحصين العالمي في مراكز السيطرة على الأمراض، جون فيرتيفيل: "إن الزيادة في تفشي الحصبة والوفيات مذهلة، ولكن للأسف، ليست غير متوقعة بالنظر إلى انخفاض معدلات التطعيم التي شهدناها في السنوات القليلة الماضية. تشكل حالات الحصبة في أي مكان خطرًا على جميع البلدان والمجتمعات التي يعاني فيها الناس من نقص التطعيم."

 

سينقذ التطعيم ضد الحصبة 19 مليون شخص من الموت في جميع أنحاء العالم بين عامي 2021 و2030، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض، وهو جزء من أكثر من 50 مليون حالة وفاة يتم الوقاية منها من خلال التطعيم. وقالت منظمة الصحة العالمية إنه تم تجنب حوالي 56 مليون حالة وفاة بسبب الحصبة من خلال التطعيم بين عامي 2000 و2021.

 

ظلت الحصبة مشكلة صحية متنامية في عام 2023، على الرغم من أنه لم يتم إصدار التقارير الإحصائية لبعض الوقت. قالت المسؤولة عن الحصبة والحصبة الألمانية في منظمة الصحة العالمية، ناتاشا كروكروفت، إن هذا العام قد يشهد ضعف حالات عام 2022. وأضافت: "إذا استمر ذلك في نفس الاتجاه، فستكون هذه كارثة للأطفال في البيئات الأكثر ضعفًا".

 

في الولايات المتحدة، أدى التردد المتزايد بشأن اللقاحات إلى زيادة أمراض مثل جدري الماء والحصبة، ومع استمرار التسييس المحيط باللقاحات في أعقاب جائحة كوفيد-19، يبدو أن هذه المشكلة تتزايد.