النفاق الإجتماعي: وجوه عدّة لعملة واحدة

النفاق الإجتماعي: وجوه عدّة لعملة واحدة
النفاق الاجتماعي وما أدراك ما النفاق الاجتماعي... لم يعد ظاهرة أو مرحلة مؤقتة في عصرنا اليوم، فقد أصبح مرضا ينخر تركيبة مجتمعاتنا يوم بعد يوم لا بل نجح في هدم جزء كبير من المبادئ والقيم والأخلاقيات وأسّس لمهارات نجحت في مواكبة متغيرات العصر من مكر وخداع وكذب ووصولية.

وها قد أصبحت المعاملات اليومية بين الأفراد مبنية على مصالح شخصية، مصالح تتطلب التلون واستخدام ''ماسكات'' مختلفة حسب الموقف وشتان ما بين الباطن والظاهر: فمن مناّ لم ينافق أصحاب السلطة وصناع القرار خوفا من فقدان منصبه؟ من منّا لم يتملّق لنيل رضا فلان أو علاّن خوفا من الخسارة؟ من منّا لم يختار عبارات مدح لشخص فاسد للحصول على منفعة فردية؟ 

وسائل التواصل الاجتماعي مسرح النفاق
تزايدت المواهب التمثيلية وأتقنت دور المنافقين مع توفّر منصة جاهزة معلبّة وهي مواقع التواصل الإجتماعي... مسرح يعجّ بالاطراءات والكومنتات والجامات المزيفة، كلّ يتحصّن بشاشة هاتفه أو حاسوبه يعلّق لعدوّه ويتبادل القبل مع غريمه ويكتب منشورات عن حقوق المرأة بينما تتعرّض زوجته يوميا للتعنيف ...
ومسرح النفاق الإفتراضي ربّما يشعر البعض بالرضا لأنه لا يواجه مباشرة، لأنّ ردّة فعله ليست مرئية ولا مكشوفة، لأنه تفوّق على غيره ونجح في الحفاظ على خداعه للآخر: لكنّ هذا التفوق ليس مبررا ولا منطقيا خاصة إذا تمعنا في آثاره الوخيمة على المجتمع.

خطر يهدّد العلاقات الإنسانية
تفشي ظاهرة النفاق بنسق متسارع أصبح خطرا يحدق باستقرار مجتمعاتنا ويساهم في انتشار آفات سامة كالكراهية والحقد والنميمة وغيرها... وربّما أخطرها هو ما يعيشه 80 بالمائة من أصحاب الكفاءات الذين عانوا الأمرين أمام المنافقين المتملقين والكفة غالبا ما تكون لصالح أصحاب فنّ الخداع والمجاملة.
النفاق أيضا ساهم في تعالي وتكبّر أصحاب القرار وزادهم تجبّرا وغطرسة بغضّ النظر عن سياساتهم الفاشلة وآرائهم السطحية فاكتفوا بالعبارات المنمقة التي يسمعونها من هذا وذاك.

لقد حان الوقت أن ننتقل من فوضى النفاق إلى رحاب الموضوعية والنقد البنّاء!
لقد حان الوقت أن يتغلغل في مجتمعنا منهج الصدق والأخلاق لا منهج النميمة والخداع !
فكفانا تزييفا للواقع وربط علاقاتنا الإنسانية بمقدار ما ستدرّه علينا من فائدة وكفانا سباتا أمام هذا المرض المعدي. 

أميرة الشارني