الفاشينيستا... مهنة من لا مهنة له

الفاشينيستا... مهنة من لا مهنة له
طفت في السنوات الاخيرة ظاهرة جديدة وغريبة على مجتمعاتنا خاصة في ظلّ تعدّد وسائل التواصل الإجتماعي وتغلغلها داخل حياتنا اليومية: "الفاشينيستا".

 بمجرّد كبسة زرّ على هاتفك الذكي، تجد نفسك داخل عالم افتراضي يعجّ بآلاف من مشاهير الانستغرام والفايسبوك والسناب شاب واليوتيوب وغيرها من التطبيقات، آلاف يتسابقون للفوز بأكبر عدد ممكن من المتابعين خاصة المراهقين وغالبا ما يستخدمون إغراءات متنوعة للتأثير عليهم وجذب إنتباههم.
البعض يعوّل على الجمال وبقدرة قادر يصبح خبير تجميل، البعض الآخر يعوّل على جسمه ويعرض أزياء بغضّ النظر عن مدى ملائمتها لتقاليدنا وأعرافنا، آخرون يقلدون مشاهير أجانب في وصفات للمطبخ وديكورات للبيت وغيرها.

ماذا عن الفاشينيستا العربية؟

لاقت هذه الظاهرة في وطننا العربي مع بداية انتشارها حالة من الجدل وانقسام في الآراء وبين رافض لوجودها بتعلّة خصوصية مجتمعاتنا وبين مؤيد بتعلّة تطوّر عقلية شبابنا، استطاعت عديد من الأسماء تحقيق نجاحات ولو كانت نسبية.
 
التقليد هو الرابط المشترك بين ما تفعله "الفاشينيستا" وما يمارسه المراهقون، فالفئة الأولى تتبنى مواضيع سطحية وعادات غربية وأفكار مستنسخة من الغرب دون أي ابتكار أو خلق أو تجديد وإذا ما قمنا بمسح ومقارنة بين حسابات المشاهير الأجانب سندرك أن العرب مزيفون ومقلدون فاشلون. أما إذا ما تابعنا مراهقي هذا الجيل لأدركنا حجم تأثير مواقع التواصل سلبا على حياتهم وتغيير سلوكهم الذي وصل حدّ الإدمان: إدمان لأوهام ترسّخ لمشاكل مستقبلية وضغوطات نفسية.
للأسف بلغت اهتمامات شباب هذا العصر درجة متقدمة من التفاهة وساهمت في صنع أبطال من فراغ، شباب في مقتبل العمر صنع من أشخاص عاديين مشاهير يقتدون بهم دون التفكير لوهلة أن قيمة هؤلاء مقترنة بتطبيق على الهاتف لو توقف عن العمل سيمحون من الذاكرة.
"الفاشينيستا" جعلت من نفسها سلعة متاحة لمن يدفع أكثر، غالبا ما تفتقد الخبرة وتستعرض جسمها ومفاتنها لمجرّد الاستعراض، لا بل أراهن أن تكون على دراية بالمنتج الذي تمثله فلا هي بخبيرة ماكياج أو موضة ولا هي بمهندسة ديكور ولا هي أخصائية تغذية وإنما هي مجرّد وجه إعلاني فاقد للمصداقية وتكتفي بهذا القدر.

الفاشينيستا والحياة الزائفة 

مثلما تحدث "الفاشينيستا" المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي أضرارا سلبية على متابعيها، لا يخفى على أحد أنها أكثر شخص متضرر من عملها، إن كان من الصحي أن نسميه عملا، فالاستخدام المفرط للشبكات الاجتماعية يؤثر بشكل سلبي عليها نفسيا وجسديا. 
"الفاشينيستا" التي تظهر للعموم في أبهى حلّة ودائما مفعمة بالنشاط ومقبلة على المستقبل تعيش حياة زائفة مبنية على خداع نفسها قبل خداع متابعيها، فوراء كل أجر تتقاضاه انتهاك لخصوصيتها، وراء كلّ إعلان تصورّه مجهود معنوي رهيب، وراء كل متابع جديد حالة من التأهب لمواجهة تعليقات سلبية، وراء كل منتج جديد حرمان من ممارسة حياة طبيعية.

انتشار وباء "الفاشينيستا" في السنوات الأخيرة حقيقة لا مفرّ منها، لكن على كلّ فرد من موقعه أن يقف سدّا منيعا أمام خطر يحدّق بشبابنا ويجرفه للهلاك، لو نتشارك جميعا ونقوم بحملات توعوية ربما تؤثر في هذه الفئة وتحثها على تسخير جهودهم لخدمة المجتمع عوض تحطيم ما تبقى منه مع ضرورة الإشارة إلى دور العائلة والمدرسة في توجيه الأطفال وتطعيمهم منذ الصغر ضدّ وباء "الشهرة الزائفة".
 

أميرة الشارني