حلفاء أميركا: «الشراكة عبر الهادئ» لضمان الصين

حلفاء أميركا: «الشراكة عبر الهادئ» لضمان الصين

جرى الترحيب باتفاقية التجارة المسماة «الشراكة عبر المحيط الهادئ» كفوز للولايات المتحدة في منافستها مع الصين على المكانة في آسيا، حيث عبر حلفاء أميركا عن تفاؤلهم في شأن الأثر الذي سيتركه اتفاق اثنتي عشرة دولة على منطقة يسودها القلق بسبب ارتباطها باقتصاد الصين المتباطئ.

 


يتعين ان تحظى المعاهدة بموافقة الكونغرس ويقول المحللون إن المؤثرات الاقتصادية قد تكون اقل اتساعاً مما تكهنت واشنطن به. بيد أن مجرد تعهد الرئيس (باراك) أوباما بالتوصل الى اتفاق أراح الحلفاء في آسيا. لقد نُظر الى الاتفاق كوزن مقابل لجهود الصين في توسيع نفوذها ليس فقط في التجارة بل ايضاً في النواحي الأخرى، بما فيها بناء الجزر في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه وتأسيس مصرف تنمية اقليمي جديد لمنافسة المؤسسات التي يقودها الغرب.

ويقول الأمين العام السابق لوزارة الخارجية في سنغافورة بيلهاري كوسيكان «قد لا تكون معاهدة الشراكة عبر المحيط الهادئ قادرة على تغيير الموقف على ما يقول الاميركيون إنها ستفعل لكنها إذا فشلت ستكون حتماً صفعة لصدقية الولايات المتحدة، والتوصل الى إقرارها مرحب به». لكنه يحذر من أن المعاهدة «لن توقف ما تقوم الصين به».

يأتي انتصار الولايات المتحدة في الوقت الذي يتضعضع فيه توازن الصين في المسائل المتعلقة بوضع اقتصادها الذي يتوسع بأبطأ إيقاع له في ربع قرن وتسبب في هزات في انحاء المنطقة. حتى مع التباطؤ، فالاقتصاد الصيني ينمو أسرع مما تفعل أكثر الدول الصناعية وتتمتع الصين بعلاقات اقتصادية عميقة مع جميع بلدان المنطقة تقريباً.

يقول بعض الخبراء إن من غير المرجح أن يغير اتفاق التجارة هذا الواقع، لكنه رمز مهم لدوام قوة أميركا في آسيا. ومنذ 2011 عندما أبلغ الرئيس اوباما البرلمان الاسترالي ان الولايات المتحدة «ستؤدي دوراً أعرض وأطول مدى» في تشكيل المنطقة الآسيوية، ينتظر الحلفاء الآسيويون النتائج. لوهلة بدا ان «التحول» نحو آسيا الذي كثر الحديث عنه، مجرد تعبير كلامي – ويرمي الى استعداء الصين من خلال اقتراح تعزيز الوجود العسكري الأميركي وإنشاء منطقة تجارية تستثنى الصين من الانضمام اليها.

حتى عندما كانوا يتحدثون في واشنطن عن تجديد الاهتمام بالصين، توسعت روابط الصين الاقتصادية مع أصدقاء أميركا في المنطقة. للعديد من بلدان آسيا الآن اتفاقات تجارية مع الصين انجزت منذ الإعلان عن «التحول» وتعتبر الصين شريك هذه الدول التجاري الأكبر. واستراليا على سبيل المثل وقعت اتفاق تجارة مع الصين في حزيران (يونيو) على ان يقره البرلمان.

ويُنظر الى الصين على انها تحقق مكاسب في أطر أخرى ايضاً. وعلى رغم ان قدراتها الاستراتيجية في شرق آسيا لم تصل بعد الى حدود منافسة تلك التي تحوزها الولايات المتحدة فإن الصورة المالية تتغير تغيراً سريعاً، بتحول الصين الى مقرض كبير في المنطقة على ما قالت مجموعة «الحوار بين الاميركيين» في تقرير أصدرته في واشنطن في تموز (يوليو).

وفيما تبدو معاهدة «الشراكة عبر المحيط الهادئ» في المقام الأول كمؤسسة ترمي الى التقريب بين الولايات المتحدة وبين آسيا، فإن ثلاثة من اعضائها الاثني عشر هم من اميركا اللاتينية: تشيلي والمكسيك والبيرو. وفق مصطلحات التنافس التجاري مع الصين في آسيا، سيمنح الاتفاق الشركات الاميركية «تقدماً طفيفاً» على الشركات الصينية، بما ان الفارق ضئيل جداً في قائمة السلع التي يصدرها كل من البلدين الى الأعضاء الآسيويين في الاتفاق، على ما قال الخبير في الشؤون الصينية في «معهد بترسون للاقتصادات الدولية» في واشنطن، نيكولاس لادري.

في الصين، حيث لانت أخيراً معارضة الحكومة الاساسية للمعاهدة التجارية، أصدرت وزارة التجارة بياناً قالت فيه ان الاتفاق «واحد من اتفاقات التجارة الحرة المهمة في منطقة آسيا - المحيط الهادئ». وكانت بكين انتقدت سابقاً اثناء المفاوضات الاتفاق باعتباره جهداً اميركياً لاحتواء الصين وهذه حجة ما زالت تُسمع من المحللين الصينيين.

وفي تصريح مفاجئ في اليابان، كان رئيس الوزراء شنزو آبي الذي تميزت علاقته بالصين بالسوء اقترح ان تنضم الصين الى الاتفاق. وقال: «اذا انضمت الصين الى الاتفاقية فستساهم مساهمة عظيمة في امن بلادنا واستقرار منطقة آسيا – المحيط الهادئ وسيكون لذلك معنى استراتيجياً شديد الاتساع».

وأشاد رئيس الوزراء الاسترالي مالكولم تورنبال اشادة حماسية بالاتفاق قائلاً انه يوفر «فرصاً جديدة لا سابق لها» لاسواق جديدة في آسيا واميركا اللاتينية، في الوقت الذي تواجه فيه استراليا نهاية الفقاعة التي رافقت صناعة المناجم فيها. ولم يشر تورنبال المؤيد للعلاقات الوثيقة مع بكين الى الصين في تعليقاته.

كما حيا آبي الاتفاق قائلاً: «لقد رفع الستار أخيراً عن قرن آسيوي جديد». وجاءت اليابان متأخرة الى المفاوضات حيث انضمت اليها في 2013 وأظهرت مطالب التكتل الزراعي فيها الذي يدعو الى الحفاظ على التعرفات الجمركية على الرز واللحوم والحليب وغيرها من المنتجات الزراعية انها واحدة من أكبر العقبات امام الاتفاق.

ودافع آبي عن الاتفاق في مواجهة معارضة محلية ملموسة شملت العديد من أعضاء حزبه المحافظ وعدداً كبيراً من ممثلي المقاطعات الزراعية. لكن يعم الاعتقاد ان البرلمان الياباني سيقر الاتفاق.

وعلى رغم ان اختتام المفاوضات لاقى ترحيباً واسعاً بين أصدقاء أميركا في آسيا فإن على الولايات المتحدة ألا تعتبر ان من واجب الدول الآسيوية الاختيار بين واشنطن وبكين، بحسب ما قال كوسيكان. وأضاف: «ما من أحد يرى «الشراكة عبر المحيط الهادئ» بديلاً عن الصين. الولايات المتحدة مهمة والصين مهمة ايضاً. ونحن قادرون على أداء العمل في وقت متزامن. الصين عامل اقتصادي هائل لا يمكن تنحيته جانباً».