تونس أمام فرصة تاريخية لرفع صادراتها والفوز بعقود إعادة الاعمار في ليبيا

تونس أمام فرصة تاريخية لرفع صادراتها والفوز بعقود إعادة الاعمار في ليبيا
أفاد المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين الليبين أن تونس أمام فرصة تارخية لرفع صادرتها والفوز بعقود إعادة الإعمار بعد الإستقرار الذي شهده المشهد الليبي.

وفي مقال لسفيان المهداوي نشره المجلس على صفحته الرسمية فيسبوك فإن مصر‭ ‬وتركيا‭ ‬ودول‭ ‬خليجية‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬موطئ‭ ‬قدم‭ ‬داخل‭ ‬ليبيا وأن أكثر من 6000 باعث عقاري سيستفيدون من عقود إعادة الاعمار في ليبيا.

وباتت تونس خلال سنة 2021 امام فرصة جديدة لإعادة تموقعها في السوق الليبية التي خسرتها منذ نحو 10 سنوات ، بعد خسائر ناهزت 5 مليار دولار بحسب بيانات ليبية رسمية اي اكثر من 11 مليار دينار تونسي ، وهو رقم كانت له انعكاسات سلبية للغاية على مستوى فقدان التونسيين لمواطن شغلهم في ليبيا، بالاضافة الى اغلاق المئات من الشركات التونسية وتحويل أنشطتها الى دول أخرى.
ومنذ اعلان تشكيل الحكومة الليبية ، مؤخرا ، بجنيف وانتخاب رأسي السلطة من رئيس الحكومة عبد الحميد دبيبة ورئيس الجمهورية محمد المنفي، بدأت عدة دول عربية وافريقية وخليجية واوروبية اعادة تموقعها داخل ليبيا ، وانطلقت العديد من الدراسات لاقتحام السوق الليبية مجددا، خاصة وانها أصبحت سوقا واعدة للإعمار وأيضا لليد العاملة، وآخرها مصر التي بدأت مفاوضات جديدة حول اعادة مواطنيها للعمل داخل ليبيا والرفع من حجم احتياطها من العملة الصعبة ، في حين انطلقت عدة دول خليجية في توقيع عقود الاعمار داخل ليبيا بالاضافة الى فرنسا وايطاليا وتركيا في المجال الطاقي.
خسائر تطال اليد العاملة التونسية
ومازالت تونس التي كانت فيما مضى تستأثر بنصيب الاسد من المعاملات التجارية واليد العاملة مع ليبيا، لم تطلق بعد برنامجها الاقتصادي مع هذا البلد الذي يزخر بفرص جديدة للأستثمار واعادة الاعمار، علما وان قرابة أكثر من 1300 شركة تونسية خسرت تموقعها في ليبيا منذ بداية الازمة والى اليوم نتيجة الحرب الطاحنة بالقطر الشقيق.
وكان محافظ البنك المركزي مروان العباسي قد أكد في تصريح لـ»الصباح» مطلع سنة 2020، أنّ حجم المبادلات التجارية مع ليبيا بلغ في 2019 ما يقارب 1.7 مليار دينار والنسبة ارتفعت بشكل ملحوظ مقارنة بسنتي 2017 و2018، الا انها لم تبلغ المستويات المسجلة خلال سنة 2010.
وكشف العباسي إنّ ليبيا كانت بعد الاتحاد الاوروبي أهم شريك اقتصادي بالنسبة لتونس، مشيرا الى ان قرابة 150 ألف تونسي كانوا يشتغلون في ليبيا وبلغت تحويلاتهم 60 مليون دينار في الشهر لعائلاتهم في تونس، ومنذ السنوات الاخيرة لم تسجل أي تحويلات تذكر، داعيا القطاع الخاص الى الاستعداد للفترة القادمة لإعادة الاعمار في ليبيا.
خسائر تونس لم تقتصر على الشركات واليد العاملة بل وصلت الى المبادلات التجارية، حيث تراجعت صادرات تونس الى ليبيا بنسبة تفوق 50 بالمائة منذ 1 جانفي الى غاية 9 نوفمبر 2020 بسبب الاضطرابات الناجمة عن تأثيرات جائحة كوفيد- 19، كما تراجعت عائدات قيمة صادرات الغلال التونسية في اتجاه ليبيا التي تستقطب ما يقارب 70 بالمائة من مجموع الصادرات التونسية، لتبلغ أكثر من 28 مليار دينار، من 1 جانفي الى 9 نوفمبر 2020، مقابل حوالي 60 مليار دينار، خلال نفس الفترة من سنة 2019.
تفعيل لجان ثنائية بين البلدين
ويشدد الخبراء على ضرورة تفعيل اللجان الثنائية بين البلدين خلال الفترة القادمة، ورسم سياسات اقتصادية جديدة مع القطر الشقيق وخاصة في ملف اعادة الاعمار ومنح الشركات التونسية الاولية المطلقة لما تتمتع به من خبرات وكفاءات رائدة في عدة مجالات، وعلى سبيل المثال يوجد في تونس قرابة 6000 باعث عقاري، وبإمكان هؤلاء الحصول على حصة هامة لإعادة الاعمار داخل ليبيا وخلق حركية تجارية بين البلدين، بالاضافة الى الاستثمار في المجالات السياحية، خصوصا وان ليبيا تتميز بشريط ساحلي مهم سيعود بالفائدة على الليبيين والتونسيين على حد سواء.
ورغم عودة الحركة التجارية مع ليبيا الى سالف نشاطها، وذلك عقب قرار الحكومة موفى سنة 2020 بإعادة فتح المعابر الحدودية بعد 8 أشهر من غلقها وتعثّر عمليات التصدير بين البلدين والتي كلفت تونس خسائر على مستوى المبادلات التجارية وصلت 75 بالمائة وفق آخر تقرير للبنك الدولي حول انعكاسات الازمة الليبية على تونس ، فقد ساهم تفاقم الأزمة الليبية في إعاقة نمو الاقتصاد التونسي بشكل ملحوظ خلال السنوات الستة الأخيرة، وأدى الإغلاق المتواصل للممرات الحدودية بين البلدين إلى تعطل المبادلات التجارية النظامية وارتفاع نسق التجارة الموازية.
وخلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، بلغت الصادرات التونسية نحو السوق الليبية 611 مليون دينار تونسي مقابل واردات تقدَّر بـ 111 مليون دينار، وبلغت الصادرات 755 مليون دينار خلال الفترة ذاتها من عام 2019، بحسب بيانات معهد الإحصاء الوطني.
وتمثل ليبيا أهم سوق تصديرية لمنتجات الزراعة التونسية، حيث تستأثر هذه السوق بنحو 60 بالمائة من منتجات الفواكه الفصلية، ويؤكد أغلب خبراء الاقتصاد إن التجارة الثنائية بين البلدين أمر مفروض وذلك لدفع الانتعاشة الاقتصادية بولايات الجنوب التونسي التي تعاني ارتفاعا في البطالة ، كما ان تونس لا تستطيع تحمّل إغلاق حدودها مع ليبيا لأن ذلك يقوّض اقتصادها، ويؤدي إلى اضطرابات اجتماعية.
ولا يعد فتح الحدود بين تونس وليبيا موردا لكسب تجار الجنوب فقط، إذ ان عديد القطاعات ستستفيد من تدفق الليبيين ولا سيما القطاع الصحي الذي فقد نحو 80 بالمائة نتيجة غلق الحدود مع ليبيا، كما ان فتح الحركة الجوية سيساهم في عودة الاستثمارات الليبية في تونس الى أضعاف ما شهدته خلال سنوات الماضية ، ويعلق العديد من الخبراء الاقتصاديين الامال على عودة نسق الاستثمارات بين الجانبين خلال سنة 2021 ، ما يساهم في تفادي كلا البلدين لأزمات اقتصادية نتيجة جائحة كوفيد- 19.
خسائر سنوية بنحو 800 مليون دولار لتونس
وعمقت الأزمة الليبية جراح الاقتصاد التونسي الذي يمر بصعوبات كبيرة جراء الاضطرابات الاجتماعية وتراجع السياحة والاستثمار، وكشف تقرير حديث للبنك الدولي ، أن تونس تخسر نحو 800 مليون دولار سنويًا، كتأثير مباشر للأزمة الليبية بين استثمارات وصادرات ، وشملت هذه الخسائر، وفقًا لدراسة أعدها البنك الدولي عن «تونس - ليبيا»، رقم معاملات المؤسسات التونسية المستثمرة بليبيا والمصدرة والمؤسسات غير المرتبطة اقتصاديًا بصفة مباشرة مع ليبيا بسبب غياب مناخ الاستثمار على المستوى الإقليمي.
وقبل ثورة جانفي 2011، كانت ليبيا تعد أول شريك اقتصادي عربي وإفريقي لتونس بتبادل تجاري سنوي بينهما وصلت قيمته إلى ملياري دولار، وتشمل الصادرات التونسية إلى ليبيا النسيج ومواد البناء والمنتجات الزراعية والصناعية، وأصيب نشاط عديد من المؤسسات الاقتصادية التونسية بأزمات حادة نتيجة الظروف الأمنية المتدهورة في ليبيا.
ويعود هذا التراجع في حجم التبادلات بين البلدين إلى الإغلاق المستمر للمعابر الحدودية الذي أدى إلى بطء وقلة حركة نقل البضائع، والتهديدات الإرهابية على طول الطريق الرابط بين تونس وطرابلس، والانخفاض الشديد للقدرة الشرائية للمواطنين الليبيين الذين أنهكتهم الأزمة الاقتصادية نتيجة انعدام السيولة وتراجع سعر صرف الدينار الليبي.
الإغلاق المتكرر للمعابر ضاعف الأزمة
وتسبب الإغلاق المتكرر من الجانبين للمعبرين الحدوديين الرئيسين رأس الجدير وذهيبة بين تونس وليبيا، في تفاقم الأزمة الاقتصادية التونسية خاصة في مناطق الجنوب، ويعد المعبر الحدودي «رأس جدير»، البوابة الرئيسية المشتركة بين البلدين نظرًا لدوره الكبير في تنشيط الحركة التجارية، وادى غلق الممرات الحدودية بين البلدين إلى ارتفاع وتيرة الاقتصاد الموازي والتهريب، وبيّن البنك الدولي أن تهريب البنزين من ليبيا نحو تونس أدى إلى خسارة 500 مليون لتر سنويًا ما يعادل 17 % وتسبب بخسارة للبلدين، على مستوى الميزانية في ليبيا وعلى مستوى المداخيل الجبائية لتونس، وكانت ليبيا تمد تونس بأكثر من 25 % من احتياجاتها من الوقود، بأسعار تفضيلية.
وساهم التدهور الأمني في ليبيا في انتعاش تجارة البضائع والسلع وتهريب المحروقات والسجائر والذهب، وتهريب العملة الاجنبية بطريقة غير القانونية، في مدن الجنوب التونسي حيث تتراجع التنمية وترتفع البطالة، كما ساهم غلق الحدود مع ليبيا في ارتفاع نسبة التجارة الموازية الى 35 %، حسب دراسات اقتصادية حديثة وهي نسبة مرتفعة مقارنة بالمعدل العالمي الذي يناهز 15 %.
ويشدد خبراء الاقتصاد ان وصول اللقاح الى تونس منتصف الشهر الحالي وعودة العلاقات مع ليبيا، سيساهم في تراجع الازمة الاقتصادية بتونس ، كما ان عودة الاستثمار في المجال الطاقي والنفطي بين البلدين ، سيحقق ايرادات مهمة للجانب التونسي، ويرفع من حجم الاحتياطي من العملة الصعبة، علما وان استقرار المشهد الليبي سيحقق لتونس نسب نمو هامة خلال سنة 2021.

تونس أمام فرصة تاريخية لرفع صادراتها والفوز بعقود إعادة الاعمار بعد عودة الاستقرار للمشهد الليبي.. ◄‭ ‬مصر‭ ‬وتركيا‭...

Publiée par ‎المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين والليبيين‎ sur Jeudi 11 février 2021