''السياسة النقدية للبنك المركزي تدمر الاقتصاد التونسي'': البنك الدولي يوضّح

''السياسة النقدية للبنك المركزي تدمر الاقتصاد التونسي'': البنك الدولي يوضّح
قال البنك الدولي، إن ما ورد في مقال صدر مؤخرا بمجلة ''ليدرز'' حول تمويل المؤسسات بتونس، معتبرا أن المعلومات الواردة به “من نسج الخيال” وانها “تضمنت مغالطات لا تمت للواقع بشيء”.



وأوضح البنك الدولي، أن المقال المذكور “يعبّر عن رأي في السياسة المالية استنادا الى ما ادعى صاحب المقال انها معلومات واردة بتقرير حول “نجاة المؤسسات”، مشيرا إلى أن التقرير الذي اعتمده صاحب المقال هو في الحقيقة تحقيق استقصائي شمل عيّنة من مؤسسات خاصة تهتم بمحيط عالم الاعمال.

وأكّد البنك أن تحقيقه الاستقصائي الذي تم اعداده بالاشتراك مع البنك الاوروبي للبناء والتنمية والبنك الاوروبي للاستثمار “لا يمثل بأي شكل من الاشكال تحليلا أو حكما على السياسات المالية للبلدان”.

وأضاف “المعلومات المضمّنة بالمقال والتي تنسب للبنك العالمي حكما على السياسة المالية التونسية ليست من صنع الخيال فحسب باعتبار عدم تضمن تحقيق البنك العالمي اي تحليل وتبعا لذلك اي حكم وانّما فقط ردود المؤسسات التونسية التي شملها التحقيق الاستقصائي، بل هي في منتهى المغالطة ونسبت للبنك العالمي تحليلا لا وجود له ضمن الأرقام المنشورة… والبنك متشبث بتوضيح انه لم يرد بتحقيقه الاستقصائي ايّ حُكم على السياسة المالية للبنك المركزي التونسي”.

وكان  مختار العماري، الأستاذ مبرز في الاقتصاد بكندا، قد اعتبر أن التقرير الصادر يوم 17 سبتمبر الجاري، قد خلص إلى أنه لم يعد بإمكان المؤسسات التونسية الحصول على تمويل للاستثمار والابتكار وخلق الوظائف. 

كما ذهب العماري، إلى أن التقرير يركز على حجم الضرر الاقتصادي الناجم عن السياسات النقدية التقييدية لتمويل الشركات والمستثمرين، وقال إن البنك الدولي يرى أن عدم إمكانية الوصول إلى التمويل المصرفي يعد أكثر تدميراً للاقتصاد من الفساد أو عدم الاستقرار السياسي أو حتى من القطاع غير الرسمي (الاقتصاد الموازي).


لكن البنك الدولي قال في رده على المقال، إنه “من ضمن المعلومات الخادعة بالمقال نشير الى أنه لم يُورد اية احالة لـ “الاضرار الاقتصادية التي تتسبب فيها سياسة البنك المركزي التونسي” المزعومة”، موضحا أن إجبارية الحصول على تمويل بالنسبة للقطاع الخاص لا ترتبط فقط بالتمويل البنكي في معناه الضيّق”.

وقال العماري في تحليله، إن البيانات تكشف، أن المستثمرين والمؤسسات بجمعون بأغلبية ساحقة، على أن الوصول إلى التمويل البنكي هو مشكلتهم الرئيسية. وهم يأسفون لأن قيود التمويل هذه تقلل بشكل كبير من قدرتهم على تجديد معداتهم وابتكار منتجاتهم ومنافسة الأسواق وخلق النمو والوظائف.

وفي المقابل، أشار البنك الدولي، إلى أن المعلومات الواردة في تحقيقه الاستقصائي تضمنت معطيات هامة والى انها منشورة للعموم على الرابط التالي: الرابط


مختار العماري يحمل المسؤولية للبنك المركزي

ويتحمل البنك المركزي التونسي، حسب مختار العماري، مسؤولية أزمة الاستثمار في تونس. من خلال سياسة نقدية تقييدية ، وبناءً على أسعار الفائدة المديرية المرتفعة جدًا (6.75٪ -7.75٪) ، كما يتسبب  في إلحاق الضرر بالاقتصاد ويساهم في تفكيك القطاعات التي تخلق الوظائف، سواء كانت صناعية أو زراعية أو خدمية.

وأشار إلى أن السياسة النقدية للبنك المركزي التونسي تساهم في بناء سوق نقدي غير كامل وغير قادر على المنافسة وتمويل احتياجات المشغلين الاقتصاديين.

كما لفت إلى أنه خلال هذه السياسات النقدية ، يتم رفع أسعار الفائدة المصرفية بشكل مصطنع لتتراوح من 10 إلى 13٪ في المتوسط. تجد البنوك التجارية والعامة في البلاد نفسها متواطئة وتعمل ككارتل لتحسين أرباحها ، بمعدلات ربح من رقمين، على حساب الشركات والمستثمرين والنمو الاقتصادي (-21٪ بعد كوفيد- 19).

ويرى العماري، أن التضخم، الذي تم تحديده على أنه المشكلة التي يجب احتوائها من قبل البنك المركزي، يتم تقييمه في السياق التونسي بشكل سيئ، والمبالغة في تقديره، ويتم المحافظة على معدله الرئيسي مرتفعًا للغاية: 6.75٪ في تونس ، مقارنة بـ 1.5% في المغرب ، 2% في الأردن ، ما يقرب من 0% في دول الاتحاد الأوروبي. ثم إن مثل هذه السياسات النقدية المضادة للتقلبات الدورية والتي عفا عليها الزمن تهدم الشركات وتعوق النمو.
ورغم جائحة كوفيد-19، لم يغير البنك المركزي التونسي استراتيجيته واستمر في تمويل البنوك ، بحيث تقرض هذه البنوك ذاتها هذه المبالغ للدولة، مما يمكنها من ايرادات سنوية تتراوح بين 3% و5%، وفق قول مختار العماري.


 

البنك الدولي يفنّد تحليل مختار العماري

في معرض ردّه على المقال، قال البنك الدولي، إنه يتضح من خلال المعطيات أن:

  1.  حصة التمويل البنكي للأصول العقارية بتونس شهدت نسبة نموّ كبيرة (أكثر من 50%) مقارنة بنتائج آخر تحقيق استقصائي أجراه (عام 2013) ونسبة هذه الحصة تزيد في تونس بـ 50% على ما هي عليه بقية بلدان شمال افريقيا والشرق الاوسط. وهذه المعطيات تتناقض تناقضا تاما مع تلك التي اوردها المقال المذكور والتي ادعت ان سياسة البنك المركزي التونسي المالية تتسبب في تأثيرات تدفع نحو رفع البنوك أيديها عن تمويل مشاريع الاستثمار لدى المؤسسات.
  2.  نسبة المؤسسات التي تعتمد على التمويل البنكي بتمويل أموالها المتداولة بتونس اعلى من بعيد (42%) من نسبة المؤسسات الموجودة ببلدان شمال افريقيا والشرق الاوسط (27%) بل وفي العالم (30%).
  3.  نسبة المؤسسات التونسية التي تملك حسابات بنكية اعلى بكثير (97,5%) مما هي عليه ببلدان منطقة شمال افريقيا والشرق الاوسط (79,5%) أو بكل البلدان التي تملك معطيات مخزّنة.
  4.  نسبة المؤسسات التي تم رفض مطالبها للحصول على قروض اضعف بتونس (6,5%) مما هي عليه لدى بلدان منطقة شمال افريقيا والشرق الاوسط (12,2%).
  5.  مدى تأثير الفساد على المؤسسات التونسية اقلّ (11,9%) ممّا هي عليه الحال ببقية بلدان شمال افريقيا والشرق الاوسط (16,5%) أو ببقية دول العالم التي شملها التحقيق الاستقصائي للبنك الدولي (16,3%).
  6. بالنسبة لقياس مدى تغلغل الفساد فإن نسبة الصفقات العمومية او تلقي الهدايا أو طلب الدفع بشكل غير رسمي أضعف في تونس (10,4%) مما هي عليه ببلدان شمال افريقيا والشرق الاوسط (14,4%) أو ببقية دول العالم التي شملها التحقيق الاستقصائي (12,7%).