من "المدينة" إلى البلماريوم

من "المدينة" إلى البلماريوم

شهد الشارع الرئيسي بالعاصمة في ساعة متأخرة أمس عملية أدخلت الارتباك على المتواجدين فيه واستدعت الحضور العاجل لوزير الداخلية ناجم الغرسلي صحبة عدد من الوزراء للاطلاع على حقيقة الأوضاع وطمأنة كلّ التونسيين وذلك بالنظر إلى أن شارع الحبيب بورقيبة هو من الناحيتين الفعلية والرمزية أهم شارع في الجمهورية.


وهذه الحادثة التي أمكن تطويقها خلقت حالة من الذعر والارتباك خاصّة وأنّ حادثة مشابهة قد سبقتها قبل ليلة وأدت ما يشبه الإغلاق الفعلي للمدينة العتيقة. وتقارب الحادثتين دفع العديدين لاستبعاد عامل المصادفة ولطرح فرضيات حول علاقة ممكنة لهما بالإعداد النفسي لعملية إرهابية خاصّة وأنّ الحرب التي تخوضها تونس ضدّ الإرهاب تغذّي هذه الفرضيات.

وإن كانت الأبحاث الأمنية هي الكفيلة لوحدها بنفي الصلة أو تأكيدها في واقعتي "المدينة" و"البالماريوم" فإنّ نقاط الالتقاء بين الانحراف والإرهاب واضحة لأن الإرهاب هو شكل من أشكال الانحراف النفسي والسلوكي ولأنه يستقطب الأفراد الذين يعانون من اضطرابات وانحرافات وتضاف إلى ذلك آفة ومعضلة التهريب التي تغذي الانحراف والإرهاب وتتغذّى منهما هذا دون أن ننسى ظاهرة "الفوشيك" التي تبقى من منغصات الحياة اليومية وارتبط استعمالها في أذهان التونسيين بالإعداد لعمليات اغتيال أو إرهاب وهذا يعني باختصار أنّه من الضروري التوقف عند كلّ دلالات وخلفيات حادثتي المدينة العتيقة والبالماريوم لأن في إدراك التفاصيل تكمن شروط الانتصار على الإرهاب.