مراسلات لجنة التحاليل المالية تؤكّد عكس ما صرّح به إياد الدهماني

مراسلات لجنة التحاليل المالية تؤكّد عكس ما صرّح به إياد الدهماني

نفى الناطق الرسمي باسم رئاسة الحكومة إياد الدهماني، خلال لقاء إعلامي برئاسة الحكومة اليوم الخميس 15 فيفري 2018، نفيا قاطعا امتناع رئاسة الحكومة عن الردّ على مراسلات اللجنة التونسية للتحاليل المالية بشأن الاجراءات التى يتعين اتخاذها قبل تصنيف محتمل لتونس من قبل مجموعة العمل المالي لشمال افريقيا والشرق الاوسط بل ان رئاسة الحكومة تعاطت مع المسالة بشكل "عملي وايجابي" وقامت بنحو 240 تحركا دبلوماسيا.


موقع نسمة، كان قد تحصّل على نسخة من المراسلات التي وجهتها اللجنة التونسية للتحاليل المالية إلى رئاسة الحكومة، والتي تحدث عنها الشاذلي العياري خلال جلسة الأمس الأربعاء بالبرلمان، وحذّرت فيها -حسب ما أكّده الشاذلي العياري- من تدارك تصنيفات إقليمية محتملة لتونس في عدة مجالات من بينها تصنيفات لجان مالية دولية في وقت شدد فيه أعضاء اللجنة على أن تونس تمتلك ترسانة تشريعية في مجال تبييض الأموال لكن تنقصها الفعالية ".

المراسلة عدد 10607، بتاريخ 02 أوت 2017، توضّح أنّ اللجنة التونسية للتحاليل المالية، أعلمت رئاسة الحكومة أنها تلقت دعوة رسمية لحضور الاجتماع الذي ستعقده مجموعة العمالي المالي في كمبلا (اوغندا) يوم 21 سبتمبر 2017 لمناقشة التقدم الذي أحرزته تونس في معالجة أوجه القصور التي حدّدها تقرير التقييم المتبادل، لإخراج تونس من المتابعة.

كما أعلمتها في ذات المراسلة، بأنّ تقرير المجموعة المشتركة الذي سينبثق على اجتماع كمبلا سيتضمن إحدى النتيجتين التاليتين:

- أولا: إذا رأت المجموعة المشتركة لإفريقيا والشرق الأوسط أنّ تونس قد أحرزت تقدّما ملموسا في معالجة أوجه القصور التي حددها تقرير التقييم المتبادل، ستقترح إخراج تونس من المتابعة من قبل فريق عمل مراجعة التعاون الدولي التابع للفاتف. في هذه الحالة، يمكن لفريق عمل مراجعة التعاون الدولي أن يقترح على الاجتماع العام للفاتف أن تواصل مجموعة المينافاتف متابعة تونس من خلال إجراء المتابعة المعززة. وهذا ما تصبو إليه تونس.

- ثانيا: إذا رأت المجموعة المشتركة لإفريقيا والشرق الأوسط أن تونس لم تتخذ ما يكفي من الإجراءات لتلافي أوجه القصور التي حددها تقرير التقييم المتبادل، ستقوم بإعداد خطة عمل بالتشاور مع الحكومة التونسية. وسيطلب الفاتف التزاما سياسيا رفيع المستوى كتابيا من السلطات التونسية للعمل على إنجاز خطة العمل طبق الجدول الزمني المحدد لها بغرض تلافي النقائص الاستراتيجية. ويصدر الاجتماع العام للفاتف إعلاما للعموم بخصوص نقائص المنظومة التونسية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في أكتوبر 2017، وهذا ما وجب العمل على تفاديه لما سيكون له من تبعات سلبية على ترقيم تونس السيادي ومصداقيتها في الأسواق العالمية.

وبينت المراسلة أنّ اللجنة أعلمت الحكومة بأنّ آخر إعلام للعموم صادر عن الفاتف في 23 جوان 2017 يتضمن كل من البوسنة و سوريا واليمن والعراق وأثيوبيا وأوغندا وفانواتو وإيران وكوريا الشمالية.

وحول هذه المراسلة، أكّد الناطق الرسمي باسم رئاسة الحكومة إياد الدهماني أنّ الحكومة تفاعلت معها إيجابيا، لكن مراسلات اللجنة التونسية للتحاليل المالية تؤكّد عكس ما قاله إياد الدهماني، إذ ورد في خانة الملاحظات، أنّ اللجنة ''لم تتلق أي ردة فعل''.

مراسلة عدد 10607

مراسلة أخرى تحدّث عنها إياد الدهماني، وتحمل عدد 10738 بتاريخ 24 أكتوبر 2017، قامت من خلالها اللجنة التونسية للتحاليل المالية بموافاة رئاسة الحكومة بنتائج تقرير المجموعة المشتركة المنبثق عن اجتماع كمبالا و بمحتوى خطة العمل التي اعدتها المجموعة المشتركة والتي ستعرض على الاجتماع العام للفاتف و طلبنا التزاما سياسيا رفيع المستوى بتنفيذ خطة العمل لتقديمه في الاجتماع العام الذي نظم في الارجنتين.

كما اقترحت اللجنة، حسب ذات المراسلة، برمجة مجلس وزاري مضيق لعرض خطة العمل على الوزارات و الهياكل المعنية و ذلك لحثهم على تنفيذ كافة النقاط المدرجة بها لتفادي التبعات السلبية التي تنجرّ على عدم تنفيذ هذه الخطة كاعتبار الدولة ذات مخاطر عالية و ادراجها ضمن قائمة الدول غير المتعاونة.

إياد الدهماني قال إنّ الحكومة تفاعلت إيجابيا مع مضمون هذه المراسلة، وأوضح أنّ رئاسة الحكومة عقدت إثرها يوم 3 نوفمبر 2017، مجلسا وزاريا صادق خلاله رئيس الحكومة على خطة العمل التي طلبتها "الغافي " وهو ما يؤكد ان تعاطيها "كان ايجابيا وعمليا" حسب وصفه، مشددا على أن لجنة التحاليل المالية أعلمت الحكومة بأن انتهاء مهلة إعداد خطة العمل ينتهي بحلول غرة جانفي 2019.

لكن المراسلة تقول إنّ اللجنة التونسية لم تتلق أي رد من الحكومة ليتنقل إثرها الكاتب العام للجنة إلى مقر الحكومة للقاء مستشار رئيس الحكومة ليشرح له الموضوع، لكنها لم تتلق أي ردّ و أي التزام سياسي، مما اضطر كاتب عام اللجنة إلى تحمّل المسؤولية و إمضاء الالتزام شخصيا لتتفادى تونس أي إجراءات مضادة من قبل الاجتماع العام للفاتف.

مراسلة عدد 10738

كما تثبت مراسلة أخرى، من مراسلات اللجنة التونسية للتحاليل المالية إلى الحكومة، بتاريخ 23 نوفمبر 2017، تحمل عدد 10887، أكّدت أنّ الحكومة لم تتفاعل مع اللجنة بخصوص ما جاء فيها، حيث قامت اللجنة بموافاة رئاسة الحكومة باعتزام تونس تنظيم ورشة عمل دوليّة مشتركة بين الفاتف و المينافاتف تحت إشراف رئيس الحكومة، حول التحقيق و التتبع في جرائم غسل الاموال و تمويل الارهاب، و تم اقتراح على رئيس الحكومة افتتاح أعمال هذه الورشة إلى جانب رئيس مجموعة العمل المالي، لكنّ اللجنة لم تتلقّ أيضا أي ردّ من الحكومة، حسب ما تثبته المراسلة.

مراسلة عدد 10887

لكن إياد الدهماني أوضح أنّ تصنيف تونس حصل خلال شهر نوفمبر 2017 خلال الجلسة العامة لمجموعة "غافي" بالأرجنتين، وشدّد على أنّ اللجنة التونسية للتحاليل المالية لم تعلم رئاسة الحكومة بأن الاتحاد الاوروبي يعتزم تصنيف تونس في هذه القائمة وأن الحكومة علمت بالأمر من خلال الاتصالات الدبلوماسية.

كما شدّد الناطق الرسمي باسم الحكومة، على أنّ الحكومة قامت بالثتبت لدى اللجنة التونسية للتحاليل المالية حول إمكانية تصنيف الاتحاد الاوروبي لتونس لكن اللجنة نفت هذه الفرضية في كل مرة "وهي مستمرة الى حد الساعة بالقول إن الاتحاد الاوروبي لم يأخذ بعين الاعتبار التصنيف الحقيقي لتونس"، منوها بـ ''الدور الكبير للدبلوماسية التونسية التي قامت بـ 240 تحركا وهو ما يفسر قيام 357 نائب أوروبيا برفض تصنيف تونس ضمن القائمة السوداء للدول الأكثر عرضة لتمويل الارهاب وتبييض الأموال.

يشار إلى أنّ البرلمان الأوروبي كان قد أدرج يوم 7 فيفري الجاري، تونس ضمن القائمة السوداء لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وتشكل هذه القائمة إحدى أدوات عمل الاتحاد الأوربي للتوقي من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وكانت القائمة محل خلاف بين البرلمان الأوروبي واللجنة التي سهرت على اعدادها.

و وفق ما ورد على الموقع الالكتروني للبرلمان الأوروبي، فإنه رغم المعارضة الشديدة فقد تمت إضافة تونس الى هذه القائمة السوداء التي تمثل البلدان الأكثر عرضة لمخاطر عمليات تبييض الاموال وتمويل الإرهاب، حيث عجز البرلمان رغم الجهود التي بذلها بعض النواب، عن الحصول عن الأغلبية المطلقة الضرورية (376 صوتا) لرفض تصنيف تونس ضمن هذه القائمة.
واللافت للنظر أنّ عملية التصويت انقسام البرلمان الأوروبي حول هذا الملف من خلال تصويت 357 نائبا لصالح قرار رفض القائمة التي تبانها 283 صوتا مقابل احتفاظ 26 نائبا بأصواتهم.


واعتبر محافظ البنك المركزي التونسي المستقيل الشاذلي العياري خلال جلسة استماع عقدتها لجنة المالية والتخطيط والتنمية بمجلس نواب الشعب أمس الأربعاء 14 فيفري بالبرلمان، أنّ هناك خلفيات سياسية تقف وراء تصنيف تونس من بين الدول الاكثر عرضة لغسيل الأموال وتمويل الارهاب، وهو ما نفاه إياد الدهماني بقوله إنّ تونس لم تصنف ضمن القائمة لأنها لم تقم بتعهد سياسي عالي المستوى، مؤكدا أن الحكومة تحركت مما دفع "غافي" الى مراسلة اللجنة التونسية للتحاليل المالية تشير فيها الى التزام الحكومة التونسية بهذه الإجراءات".