مختصون في القانون يدعون إلى القضاء على المناشير السالبة للحرية

مختصون في القانون يدعون إلى القضاء على المناشير السالبة للحرية

دعا مجموعة من الجامعيين المنضوين في الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية في مؤلف حول ''المناشير السالبة للحرية: قانون خفي يحكم دولة القانون'' إلى ضرورة القضاء على المناشير السالبة للحرية لتعديها الصارخ على مبادئ دولة القانون والحريات الفردية.


واعتبر الاساتذة في عرض ابحاثهم ان هذه المناشير تمثل اغتصابا للسلطة وجهلا بالنظام القانوني خاصة بعد دخول دستور 2014 حيز النفاذ والمصادقة على جملة من القوانين المنظمة لممارسة الحقوق والحريات.

وقد أحصت الجمعية في هذا الكتاب 39 منشورا سالبا للحرية من بينها 32 منشورا متوفرا تم إلغاء اثنين منها (الاول يتعلق بتحرير عقود الزواج والثاني حول شهائد اعتناق الدين الاسلامي من قبل الاجانب غيرالمسلمين والراغبين في الزواج من متونسيات مسلمات) ، فيما اشارت الجمعية الى عدم توفر7 مناشير تعلقت بالأساس "بتحريرعقود الزواج" و"تنظيم زيارة السواح للجوامع" و"غلق المقاهي والمطاعم في رمضان" و"السفر خارج الجمهورية".

وفي تقديم هذا الكتاب أوضحت جنان الإمام رئيسة الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الأساسية، ، أن الهدف من هذا العمل البحثي هو تسليط الضوء على عدد من القوانين المتعارضة مع الدستور لاسيما المناشير التي تعد خطرا محدقا بحقوق الإنسان وبمبدأ الأمان القانوني ودولة القانون.

كما لاحظ مؤلفو الكتاب أن المناشير كما يعرفها فقه القضاء هي وثيقة داخلية لها صبغة ترتيبية لأن أحكامها لا تكون إلا تفسيرية وتوضيحية و في إطار تطبيق القانون معتبرين أن هذه المناشير هي بمثابة القانون المخفي أو السري بالنظر لعدم إمكانية الاحتجاج بها أو معارضتها وعدم قابليتها للطعن القضائي باعتبارها لا تستوفي شروط القرار الإداري.

وبين مؤلفو الكتاب أن تونس شهدت في السنوات الماضية جدلا بخصوص هذه النصوص السالبة لحرية المواطن وحقه في ممارسة حريته الفكرية والجسدية لتشكل نقاطا رمادية في المنظومة القانونية معتبرين ان إثباتها والعمل على تغييرها أمرا في غاية الصعوبة.

كما أكد أصحاب الكتاب أن هذه المناشير تمس في شكلها ،رغم دونية قيمتها القانونية وطابعها الداخلي، من النظام القانوني ومن سلامته كما انها ا تعكس سياسة الإدارة والسياسة الحقيقية للسلطة الحاكمة.

وقد أحصى الكتاب عددا من المناشير التي تمس بالخصوص من حرية الضمير على غرار منشور وزير التربية المتعلق بمنع ارتداء الحجاب الإسلامي ومنع اللحية أومنشوروزير الداخلية المتعلق بمنع فتح المقاهي والمطاعم في نهار شهر رمضان بالإضافة إلى أن بعضا من هذه المناشير فيه مس من الاختلاف الثقافي اخر يعد تعطيلا لحرية تنقل الأشخاص (اس 17) فضلا عن تسليط بعض المناشير للرقابة على الحياة الثقافية والفنية ووضعها حدودا على حق الحصول على العلاج.

كما لفتوا الانتباه إلى أن هذه المناشير باتت نصوص خفية وذات طابع سري ليس بالإمكان الإطلاع عليها لكونها وثائق داخلية الأمر الذي متعها بحصانة نسبية لمدة طويلة مؤكدين أن المصادقة على دستور 2014 وعلى القانون عدد 22 لسنة 2016 المتعلق بالنفاذ إلى المعلومة مثلا منعرجا هاما في مجال النفاذ إلى المعلومة.

واشارت الدراسة أن تكريس الحق في النفاذ إلى المعلومة لم يمكن الجمعية من الحصول على كافة المناشير السالبة للحرية فبخلاف وزارتي التربية والشؤون الدينية رفضت باقي الوزارات مطالب النفاذ إلى المناشير متعللين بتعلات واهية وفق تقييم الباحثين .

وقد تعزز لدى مؤلفي الكتاب اليقين أن عددا من هذه المناشير لم توجد أصلا بسبب عدم توفيرها من قبل الوزارات المعنية على غرار المنشور المعروف "بمنشور مزالي" المتعلق بغلق المقاهي والمطاعم نهارا في شهر رمضان، أو المنشور المتعلق بالسفر مرجحين أنها مجرد تعليمات شفوية.

تجدرالإشارة إلى أن كتاب "المناشير السالبة للحرية: قانون خفي يحكم دولة القانون" الصادر في ديسمبر 2018، هو مؤلف اشترك في تأليفه مجموعة من المختصين تحت إشراف الأستاذ وحيد الفرشيشي وقد تم إهداؤه إلى العميد محمد صالح بن عيسى (عميد سابق لكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس ووزير عدل سابق) نظرا للجهود التي قدّمها خلال مسيرته من أجل الدفاع عن دولة القانون والحريات.وهو الثاني الذي تصدره الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية بعد كتاب "مذكرات اللادستورية" الصادر في موفى 2017.

وقد تم إعدادهذا المؤلف بدعم من مكتب شمال إفريقا - تونس لمنظمة هينريك بول ستيفتونغ.