عون غابات: الأمراء الخليجيون يصطادون باستمرار بتواطئ من السلطات

عون غابات: الأمراء الخليجيون يصطادون باستمرار بتواطئ من السلطات

أكّد عون الغابات المتقاعد محمد عمري، لوكالة تونس إفرقيا للأنباء وجود أمراء خليجيين بالإضافة إلى ''رجال نافذين'' بجهة توزر، يقومون بعمليات صيد غير قانونية بالصحراء.


وبيّن عمري، الذي قضى نحو ثلاثة عقود من عمره، متنقلا بين معتمديات الولاية محافظا بقدر استطاعته على حيواناتها وطيورها، بأن حادثة الوفد الاميري العربي الأخيرة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة باعتبار أن الانتهاكات على الطبيعة متواصلة منذ عقود على مرأى ومسمع السلط الجهوية والمركزية.

ويشير محمد بذلك إلى الحادثة التي أدانها المجتمع المدني مؤخرا والمتعلقة بتواجد قافلة من السيارات القطرية رباعية الدفع بالمناطق الصحراوية الواقعة شمال وشرق ولاية توزر (العودية - قرعة الحصان - القبقاب - الحناك - وادي الزريزير...) تلاحق طرائد الصيد من غزلان وأرانب وطيور القطا والحباري، مستعملين الصقور الصيادة والأسلحة والمناظير الدقيقة، وما يشكله ذلك من تهديد مباشر للثروة الحيوانية الصحراوية التي هي في طريقها.

وأكد حارس الغابات انه منذ أكثر من عقدين كانت المناطق الشمالية والشرقية تضم الغزال وطيور الحجل والحبارى والارنب البري وثعلب الصحراء لكن تراجع عدد الغزلان بشكل ملحوظ جدا منذ بداية التسعينات القرن المنقضي لذلك فكرت وزارة الفلاحة حينها في بعث الحديقة الوطنية بدغومس حتى تحافظ على ما تبقى من هذه الثروة.

وافاد ان الصيد الجائر وغياب حس عال بالطبيعة هي أبرز الأسباب وراء قيام وفود سياحية وأميرية عربية من السعودية والكويت وقطر وكذلك شخصيات نافذة من الجهة ومسؤولون اداريون وأمنيون تولوا مسؤوليات في الجهة في التسعينات والى غاية الألفيات مستغلين في ذلك نفوذهم وغض الجهات المعنية على رأسها وزارة الفلاحة الطرف عن هذه الانتهاكات.

ويروي محمد شهادات حية عن شخصيات نافذة تم القبض عليها في وضع تلبس سواء في بحيرة شمسة بتوزر، التي تتميز بكثرة طيورها أو في مناطق أخرى، غير أن تعامل الإدارة مع هذه الانتهاكات تنتهي في الغالب لصالح المنتهك "صاحب النفوذ والمعارف" مبينا أن الوضع لم يتغير إلا منذ 2011 إذ بات في استطاعة الدائرة الجهوية للغابات معاقبة المخالفين مهما كانت مواقعهم ومناصبهم مستدلا في ذلك أنه ما بين 2012 و2016 تم حجز مجموعة من الصقور والأسلحة تستعمل في الصيد وتم تسليط مخالفات درّت مداخيل محترمة على الدائرة.

تواطئ السلطات في عمليات الصيد:

وكان بعض أصحاب النفوذ يسخّرون أشخاصا بالمال والعتاد للتعرّف على أماكن وجود بعض الطيور في منطقة العودية والظافرية ووادي السهيلي وفي مناطق التعمير وبن قشة في حين تعتمد الوفود العربية على مخيمات في صحراء الجهة وهي مخيمات مجهزة تمتد لبضعة أسابيع في فصل الشتاء نظرا للمناخ الجيد والطقس الدافئ، الذي تتميز به الجهة.

ويضيف، حارس الغابات المتقاعد، تستفيد هذه المخيمات بحماية أمنية وتحت رعاية السلط الجهوية والمركزية وهو ما يؤكد تواطؤ السلطة في عمليات الصيد الجائرة وحتى بعض وكالات الاسفار والأشخاص العاديين، الذين كانوا يسهّلون مهام الوفود، وفي غياب حيوانات برّية وطيور بعد استنزافها أصبحت واحات الجريد وصحرائها وحتى مدنها مرتعا للخنزير البري.

"ولطالما كان الرعاة دليلا للصيادين ولغيرهم للتعرف على مواقع تفريخ بعض الطيور فخبرتهم بالأرض كافية للتعرف على أنواع الطيور ومواقعها" بحسب عبد الحفيظ عمري من منطقة شاكمو بمعتمدية حامة الجريد وهو كغيره من أبناء منطقته يتنقلون في المناطق ويعرفون الصيادين من أبناء الجهة ومن الوافدين عليها.

ويؤكد عمري في هذا الصدد أن طائر الحبارى، الذي سعى الوفد السياحي القطري مؤخرا الى صيده، لا توجد منه سوى أعداد قليلة لا تتجاوز العشرة ملاحظا أنه طائر يحبذ المناطق ذات الأشجار المخضرّة كامل السنة والارض الخشنة المكسوة بالحصى لذلك فهو يتكاثر حول وادي السهيلي وشط الغرسة شرقا الى الحدود الجزائرية ويعشش في الهضاب.

وعلى خلاف الحملة، التي يشنها ناشطون في المجتمع المدني بتوزر وسعي عدد منهم الى رفع قضية بالمتسببين في الصيد الجائر والمحظور والمنتهكين لحرمة الأرض، فإن عبد الحفيظ يرى الأمر بأنه تعاون بين بلدين برعاية السلط المركزية في مقابل استثمارات وتمويلات من تلك البلدان دون أن ينكر مجهودات دائرة الغابات.

القانون لا يسهـل عمل أعوان الغابات:

"مجهودات أعوان الغابات أثمرت منذ 2011، وفق رئيس الدائرة محمد الدبابي، حجز صقور وتحرير محاضر لمخالفين من دولة قطر ودولة الكويت كما سعت الى التضييق على أبناء الجهة المتعاونين معهم". ولاحظ الدبابي أن طائر الحبارى استعاد تكاثره مؤخرا في شمالي الولاية إثر منع صيده لعدة سنوات وتضييق الخناق على الصيادين مؤكدا أن القوانين ما زالت تكبل عون الغابات من أجل القيام بمهامه في الحفاظ على الطبيعة.

ويرى بعض النشطاء من المجتمع المدني أن القضاء على هذه الظاهرة لا يكون إلا بالقوانين الزجرية وكذلك بتفويض صلاحيات للسلطة والمصالح الجهوية في اسناد التراخيص من عدمها خاصة إذا تعلق الامر بالأجانب.

ويبرر في هذا السياق والي توزر صالح مطيراوي نفي علمه بالموضوع بادئ الامر بأن ليس هنالك تفويض للولاة في هذا الموضوع ويتم اسناد الرخص مركزيا رغم اقراره بأن وجود الأمير العربي والوفد المرافق له أمر معلوم وليس سري غير أن الصور التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي لقطعان من الغزلان المذبوحة غير صحيحة لانقراض هذا الحيوان من عقود.

ونفى أن يكون حضور القطريين والكويتيين للسياحة والصيد انتهاكا لحرمة وسيادة الدولة باعتبار أن حضورهم معلوم من أجهزة الدولة.