القصرين : نجح الشباب حيث فشلت الدولة

القصرين : نجح الشباب حيث فشلت الدولة

بعيدا عن حالة الاحباط التي تسود مختلف مناطق ولاية القصرين، اين يعتصم مئات المعطلين عن العمل منذ اسابيع، ينشط اصحاب مشاريع صغرى قرروا الانتصاب للحسابهم الخاص وبعث مشاريع. لقد اصبحوا بفضل تمويلات صغرى من منظمة اندا العالم العربي يوفرون مواطن شغل لغيرهم.


وقف سامي حسان حسني، امام شركته المتخصصة في بيع الخشب بحي الزهور بالقصرين، وبدى سعيدا وهو يتصرف كاصاحب المال، يعطي تعليماته للعمال المنهمكين في تفريغ شاحنة محملة بالواح كبيرة من الخشب. "لقد تمكنت، بفضل قرض بقيمة 1500 دينار، من اعادة اطلاق مشروعي الذي افلس (...) وها انا، بعد بعض السنوات تمكنت من شراء سيارة من نوع "غولف 6"" هكذا توجه الينا سامي بالقول وهو يشير الى سيارة رابضة امام الشركة. وقد اقام سامي شراكة مع شخص متكون في مجال الاعلامية الذي ساعده في المجالات المتعلقة بالمالية والتسويق لهذه المؤسسة الناشئة.

ولم يتوقف سامي عن القول "الحمد لله"، وامتنانه لاندا، التي وصفها "بطوق النجاة" بالنسبة للمحتاجين مضيفا انه يعتزم مواصلة مسيرته والاستثمار في مجالات جديدة كالاليمنيوم. ويستفيد من تدخلات اندا في الجهة حوالي 3300 شخص بقيمة جملية بلغت 4 ملايين دينار، حسب مديرة فرع اندا بالقصرين سنية دخيلالي مشيرة الى ان اندا تمتلك 6 وكالات تابعة لها بالجهة التي تعد الافقر في البلاد. وقد انتفع من تدخلات، اندا في القصرين 19 الف و258 شخص في معتمديات فرنانة وفوسانة والقصرين والسبيطلة وتالة بتمويلات بلغت 52 مليون و406 الف دينار. وفي كل المناطق كانت نسبة النساء المنتفعات اكبر من نسبة الرجال (14ر58 بالمائة في مدينة القصرين) وفي حي السلام بالقصرين، فتحت لطيفة ورشة الخياطة في الباحة الخلفية لمحلها المخصص لفساتين السهرة والاعراس. لقد شرعت هذه المراة الشابة في دراسة اللغة الفرنسية في معهد بورقيبة للغات الحية لكنها لم تواصل تعليمها، لقد اختارت دراسة التصميم وقالت "انا قادرة اليوم على تكوين متدربات على ابتكار اي تصميم مهما كان".

وقفت في محلها المكتظ بتماثيل تحمل ثياب ذات تصاميم انيقة وهي تقول "انا مازلت في بداياتي واحلم، رغم ان البنية التحتية في القصرين لا تواكب، طموحاتبي ان اطور عملي. لا توجد في الجهة محلات لبيع معدات الخياطة ما يجعلني اتنقل لاقتني احتياجاتي من الاكسسوارات. لو كنت في منطقة اخرى لكنت حققت افضل من هذا، حدثتنا لطيفة وفي نبرتها شئ من الحسرة. فتحي العيشاوي تونسي عائد من دمشق، اختار ان يفتح مطعما بمسقط راسه. "لقد نصحني الناس بالتوجه الى إندا وطلب قرض بقيمة 5 الاف دينار ... وهذا ما فعلته ... والان نجحت في تركيز مشروعي"

هكذا روى لنا فتحي تجربته بلهجة مشرقية. وأضاف "أنا جدي في الايفاء بتعهداتي والالتزام بالمواعيد وأقوم بخلاص القروض في اجالها وأشغل الان 5 اشخاص وأعمل على افتتاح مطعم جديد باذن الله" وغير بعيد عن فتحي وفي شارع الدولاب بحي البساتين يمتلك بسام محلا جميلا للحلاقة. "قمت بخلاص اول قرض من أندا وتقدمت بطلب جديد للحصول على قرض اخر.." يروي لنا بسام، هذا الشاب الذي لم يبلغ عقده الرابع، وهو رب لاسره، قصته مع اندا. تحصل على شهادة في الحلاقة واخرى في مجال الجلد ويحلم بالذهاب بعيدا.

ويتابع حديثه والابتسامة لا تفارق محياه "اريد ان أكبر وان أحسن منزلي وان اقوم باطلاق مشروع أخر" وتشير المعطيات الى ان اغلب المشاريع التي مولتها اندا انجزت في مجال الفلاحة ففي تالة 65ر67 بالمائة من عملائها النشيطين هم من العاملين في الفلاحة مقابل ما بين 34ر5 بالمائة و16ر2 في الصناعات التقليدية. وفي مدينة القصرين تحول محمد سائق سيارة نقل ريفي الى بائع اعلاف اذ تحصل على قرضه الاول من آندا وخصصه لتسديد معاليم التامين لينال قرضا آخر استثمره في مشروع بيع الاعلاف.

ويبدو المخزن التابع له ممتلئا بمختلف أنواع الاعلاف ويشغل حاليا 3 عمال موسميين يبدون في حالة حركة دائمة بفعل الطلب على هذه المواد. ويقول "العديد من الفقراء نجحوا في الخروج من الخصاصة بفضل القروض الصغيرة ... يجب توفر ارادة العمل ... فالحصول على المال دون عمل غير مقبول ... وهذا ما يقوم به عمال الحضائر فلماذا تقوم الدولة بالدفع لاشخاص يمكثون في منازلهم؟