إمكانية تأجيل النظر في اللائحة المطالبة بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا

إمكانية تأجيل النظر في اللائحة المطالبة بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا

فقد أفاد النائب غازي الشواشي، عضو مكتب المجلس عن التيار الديمقراطي، بأن التوجه سيكون نحو مواصلة الجلسة العامة ومناقشة اللائحة غدا الخميس، باعتبار أن جلسة التوافقات قد إستغرقت وقتا طويلا بما حال دون النظر في مشاريع القوانين المبرمجة، مشيرا إلى إمكانية المصادقة على مشروع القانون المتعلق بمجلة الهيئات الدستورية، والإنطلاق في مناقشة مشروع القانون الأساسي المتعلق بهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد في ساعة متأخرة من نهار اليوم.
وبخصوص موقفه من اللائحة المطالبة بإعادة العلاقات مع سوريا، صرح الشواشي بأنه لا فائدة من إعادتها نظرا لإستمرار الوضع على حاله منذ سنوات، والمتمثل في قمع النظام السوري لشعبه، حسب تقديره، مشيرا إلى أن عديد الدول العربية والغربية تساند الشعب السوري في تحركاته ومحاولته إرساء نظام ديمقراطي، وقامت بقطع علاقاتها الديبلوماسية مع سوريا.
وحول مدى أهمية هذه اللائحة التي تقدمت بها أربع كتل برلمانية لإعادة العلاقات مع سوريا، قصد تيسير تبادل المعلومات حول الجماعات الإرهابية، أكد الشواشي أنه يمكن لتونس تبادل المعلومات حول هذه الجماعات بالإستناد إلى علاقاتها الدولية، معتبرا إعادة العلاقات مع النظام السوري في الوضع الراهن، بمثابة الموقف السياسي الداعم له.
وبين أنه ليس من مشمولات مجلس نواب الشعب التدخل في الشأن الدبلوماسي، لكن في المقابل له الحق في مناقشة لائحة تطالب بإعادة العلاقات الديبلوماسية مع بلد ما، مشيرا إلى ان كتلته النيابية لن تكون ضد اللائحة من حيث المبدأ لكنها لن تساندها باعتبارها لن تضيف شيئا إلى تونس، وفق تقديره.
وإعتبر الشواشي، أن القرار الأخير بشأن إعادة العلاقات مع سوريا من عدمها، يبقى بيد رئيس الدولة، لكنه قرار يرتبط بدوره بإلتزامات إقليمية وعربية جعلته لا يتوفق في إعادتها، رغم تعهده بالقيام بذلك في برنامجه الإنتخابي.
من جانبه، قال نورالدين البحيري عن حركة النهضة، إن كتلته البرلمانية تحترم أحكام الدستور ولا تريد الخلط بين أدوار المؤسسات تجنبا للفوضى، معتبرا أن المسألة من اختصاص رئاسة الجمهورية ووزارة الشؤون الخارجية وحدهما باعتبارهما المعنيان حسب الدستور بالمسائل المتعلقة بالعلاقات الخارجية، وإن أي تدخل آخر يعد خطيرا.
وبين أن قطع العلاقات مع النظام السوري هو قرار وطني وعربي انبنى على معطيات إستندت على مدى شرعية النظام السوري واحترامه لحقوق الإنسان، بالنظر إلى ما ارتكبه من جرائم في حق الشعب السوري، مشددا على ضرورة إحترام التزامات تونس على المستوى العربي والدولي في هذا الإطار.
وصرح بأن حركة النهضة ترى انّ رئيس الجمهورية وحده القادر على تقدير إذا ما كان الوقت مناسبا أم لا لإعادة العلاقات مع النظام السوري، أو الاستمرار في مقاطعتها لا سيما وأن تونس هي أحد أعضاء جامعة الدول العربية التي إتخذت هذا القرار.
أما حسن العماري عن حركة نداء تونس، فقد أكد أن موقف حزبه من هذه المسألة واضح، وهو أحد بنود برنامجه الإنتخابي، مذكرا بان الحركة من دعاة إعادة العلاقات مع سوريا باعتبار أن قطعها قد إنعكس سلبا على التونسيين المقيمين هناك.
وأوضح ان كتلة حركة نداء تونس بالبرلمان ستصوت لفائدة اللائحة، مشيرا إلى أن قطع العلاقات الديبلوماسية مع سوريا أدى وفق تقديره إلى التحاق الشباب التونسي ببؤر التوتر جراء إنعدام المعلومة والتعاون الثنائي في هذا الإطار.
في السياق ذاته، إعتبر حاتم الفرجاني عن حركة نداء تونس (دائرة ألمانيا)، أن قطع العلاقات مع سوريا وإستضافة تونس سنة 2012 لمؤتمر أصدقاء سوريا (المعارض للنظام السوري)، مثل وفق تقديره "منعرجا خطيرا في تاريخ الدبلوماسية التونسية"، التي تميزت ولمدة عقود بالرصانة وعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول الأجنبية، واحترام الشرعية الدولية ووضع مصلحة البلاد فوق كل إعتبار.
ولاحظ أن قطع العلاقات مع سوريا لم في يكن في صالح الدبلوماسية التونسية أو التونسيين المقيمين بهذا البلد الشقيق، مبينا ان اللائحة المعروضة على البرلمان تضمنت النقاط التي اوردها رئيس الجمهورية في برنامجه الإنتخابي، بهدف تصحيح المسار وإصلاح الخطأ الذي أرتكب في فترة حكم "الترويكا"، وهو ما يجعل حظوظ تمرير هذه اللائحة "وفيرة" باعتبار أن أغلب الأحزاب ستصوت لفائدتها.
وبدوره، أكد أحمد الخصخوصي الأمين العام لحركة الديمقراطيين الإجتماعيين وعضو الكتلة الديمقراطية، أن تونس تأخرت كثيرا في إعادة العلاقات مع سوريا إلى نسقها الطبيعي، خاصة وأن موقفها منذ الاستقلال كان متوازنا وترفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، معتبرا أن مصلحة تونس تقتضي إعادة العلاقات مع سوريا في أقرب وقت وإصلاح الخطأ التاريخي الذي تم ارتكابه.
من ناحيته، أفاد زياد الأخضر عن الجبهة الشعبية، بأنّ قرار قطع العلاقات مع سوريا "كان متسرعا وغير مدروس"، وبمثابة الهدية التي قدمتها تونس زمن حكم "الترويكا" لمؤتمر أصدقاء سوريا خدمة لمصالح القوى الإستعمارية، مؤكدا أن هذا القرار "لا يخدم مصلحة تونس وسوريا على حد سواء ولا مصلحة الوطن العربي ولا استقرار المنطقة"، حسب تقديره.
ولاحظ ان تونس لم تجن شيئا من قطع العلاقات مع سوريا، ومن الضروري إعادتها بقطع النظر عن طبيعة النظام السوري والموقف منه، مشددا على أن المصلحة العليا لتونس وشعبها وإستقرار المنطقة ومقاومة الإرهاب تقتضي ذلك.
وبين أن إعادة العلاقات الديبلوماسية مع سوريا، سيمكن من إعادة النظر في ملفات التونسيين العالقين بهذا البلد وملفات القضايا الإرهابية، وما تعلق بها من شبكات التسفير والتمويل، إضافة إلى ملف الأطراف السياسية التونسية التي تعاملت بوضوح مع هذه الشبكات وشجعت الشباب على السفر إلى سوريا.
أما النائب رضا الدلاعي عن حركة الشعب، فقد إعتبر أن تونس تأخرت في إعادة العلاقات مع سوريا، خاصة وأن قرار قطع العلاقات معها "كان خطأ تاريخيا واستراتيجيا في حق سوريا والجالية التونسية المقيمة هناك، وفي حق العلاقات التاريخية القائمة بين البلدين"، على حد تعبيره.
وأقر بأن السياسة الخارجية من مشمولات رئاسة الجمهورية بالتنسيق مع الحكومة، لكن من حق البرلمان كسلطة عليا في البلاد توجيه سياسات الدولة وتغييرها في الاتجاه الصحيح، وإلغاء الخطأ الذي إقترفته "الترويكا" خاصة وأن كلا من تونس وسوريا يواجهان الحرب نفسها ضد الإرهاب، معربا عن يقينه بأن تحظى هذه اللائحة بتصويت واسع وسيتم تمريرها بمصادقة أغلب الكتل.
وكان ممثلو عدد من الأحزاب والجمعيات نفذوا أمس الثلاثاء، وقفة أمام مقر مجلس نواب الشعب بباردو، لمساندة مطلب إعادة العلاقات مع سوريا التي كان تقدم بلائحة في شأنها نواب أربع كتل برلمانية.
يذكر أن عددا من نواب البرلمان، كانوا تقدموا في شهر أفريل الماضي بلائحة ممضاة من قبل 4 رؤساء كتل (الحرة لمشروع تونس ،الجبهة الشعبية، الإتحاد الوطني الحر، آفاق تونس) ، للمطالبة بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا. كما توجه سبعة نواب من المجلس (مباركة عواينية، منجي الرحوي، عبد العزيز القطي، خميس قسيلة، عصام المطوسي ،الصحبي بن فرج ونور الدين المرابطي) شهر مارس الماضي إلى سوريا، بهدف العمل على إعادة العلاقات التونسية مع هذا البلد، والتقصي في قضية شبكات تسفير الشباب التونسي إلى بؤر القتال.
يشار إلى أنه ورد بمشروع اللائحة التي سيتم النظر فيها خلال جلسة العامة، أن هذا الإجراء جاء بناء على ما تضمنته توطئة الدستور من تأكيد على الانتماء الثقافي والحضاري للأمّة العربية والإسلامية، وإنطلاقا من الوحدة الوطنية القائمة على المواطنة والأخوّة والتكافل والعدالة الاجتماعية ودعما للوحدة المغاربية، باعتبارها خطوةً نحو تحقيق الوحدة العربية، والتكامل مع الشعوب الإسلامية والشعوب الإفريقية.